الموضع الثاني في براهين أئمة العترة ومن وافقهم
  الثامن: عكسه. وهذه الأقوال ما عدا الأول منها ما يجمعها القول بجواز خلف الوعيد على الله تعالى.
الموضع الثاني في براهين أئمة العترة ومن وافقهم
  واعلم أن لهم إلى ثبوت استحقاق العقاب ودوامه طريقين: إحداهما عقلية، والأخرى نقلية، فأما الطريق العقلية فقد تقدم تحقيقها في الثالثة عشرة من مسائل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ ...}[البقرة: ٦] الآية.
  وأما الطريق النقلية فنتكلم عليها في هذا الموضع، ونسأل الله حسن الإعانة والتوفيق لإصابة الحق آمين؛ إلا أن الأدلة السمعية لما كان الاستدلال بها من حيث عمومها، والخصوم يعارضون ذلك بشبه يدعونها تقتضي القدح في صحة الاستدلال بها، فتارة ينكرون كون في اللغة ألفاظ موضوعة للعموم، وتارة يدعون أن دلالتها ظنية، إلى غير ذلك وجب عليَّ مزيد تحقيق المسألة؛ والإرشاد إلى طريق القطع فيها أن نقدم قبل الاستدلال بجزيئات الأدلة بيان المقدمات التي ترتب الاستدلال على ثبوتها؛ دفعاً لشبه الخصوم، وما يشككوا به في صحة الدلالة وفي إفادتها القطع؛ ولأجل ذلك كان منا تقديم الكلام عليها، وهي أربع:
  الأولى: أن في اللغة ألفاظًا موضوعة للعموم، وهذه قد قررناها في الثانية من مسائل قوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ}[البقرة: ٢٠] الآية.