مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الموضع الثاني في براهين أئمة العترة ومن وافقهم

صفحة 3797 - الجزء 6

  الثانية: أن كون تلك الألفاظ موضوعة للعموم معلوم مقطوع به، وهذا قد مر إقامة البرهان عليه في تلك المسالة أيضًا، ويزيده هنا بيانًا ما ذكره النجري في (شرح القلائد)، ولفظه: وأما الثانية فإنا لما استقرأنا اللغة العربية وتتبعناها، وبحثنا في مفهومات تلك الألفاظ العامة واختبرناها وجدناها مفيدة للعموم، وعلمنا ذلك علمًا قطعيًا لا تعتريه الشكوك؛ لا يقال: معاني الألفاظ إنما تعرف بالنقل، فإن كانت تواترًا فكيف خالف فيه كثير من الناس وهو ضروري؟ وإن كان آحادًا فلا يفيد القطع؛ لأنا نقول: نفس الألفاظ منقولة إلينا بالتواتر، وأما معانيها فإنما علمت بالبحث والاختبار، فكان العلم بها نظريًا بواسطة النقل التواتري لنفس الألفاظ، فاحتملت الخلاف.

  قلت: وقد أورد بعضهم هنا أن احتمالها الخلاف يوجب أن تعتورها الشكوك.

  والجواب: أن الخلاف لا يصير المسألة ظنية ولا مشكوكًا فيها، وإلا لما وجد القطع إلا في الضروريات.

  قالوا: عمومها المستفاد بالبحث والاختبار إنما هو بواسطة النقل لذلك المعنى عن أهل اللغة، فيرجع ذلك الإيراد، فيقال: النقل إما بالتواتر فكيف وقع الخلاف؟ أو بالآحاد فلا يفيد.

  قلنا: قد مر في مقدمة كتابنا هذا أن طريقة الاستقراء تفيد القطع؛ على أن لنا أن نقول: إن نقل استعمال الألفاظ في معانيها متواتر، كما مر بيانه في الوجه الأول بعد ذكر الشبه السبع من الثالثة عشرة من مسائل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ ...}⁣[البقرة: ٦] الآية.