مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 81}

صفحة 3814 - الجزء 6

  والجواب من وجوه:

  أحدها: أن هذه الشروط التي ذكرناها قد دل عليها العقل، كما مر في مسألة التوبة، والإحباط، والتكفير، وما اشترطه العقل فهو في حكم الملفوظ به، ودل عليها السمع أيضًا، قال تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ}⁣[الفرقان: ٧٠] {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ}⁣[النساء: ٣١] ونحوها، بخلاف ما ذكرتم، فإنه لا دليل عليه، فتوجه نفيه.

  الثاني: أن القديم تعالى إذا توعد العصاة بالعقاب فإنما يتوعدهم بالعقاب الحسن⁣(⁣١)، ولا يحسن عقاب التائب وصاحب الصغيرة، ومن زادت طاعته على معاصيه، بخلاف صاحب الكبيرة، فإن عقابه حسن، وجواز التفضل بإسقاطه يخرجه عن كونه حسنًا، فالفرق واضح بينه وبين من ذكرنا خروجه.

  الثالث: أن فيما ذكرتم إخلاء كلام الله تعالى عن الفائدة، وذلك لا يجوز.

  الرابع: أن هذا لو أوجب التوقف في وعيد الفساق لأوجبه في وعيد الكفار؛ لحسن التفضل في كل من الفريقين؛ ومن توقف في وعيد الكفار فقد انسلخ من الدين، وكل قول يؤدي إلى هذا وجب القطع ببطلانه.

  فإن قيل: إنما قطعنا بوعيد الكفار لأنه معلوم من ضرورة الدين، وليس هكذا وعيد الفساق.


(١) أي الذي يحسن منه. تمت. مؤلف.