مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم ت

صفحة 3922 - الجزء 6

  والصلاح أو خلافه. كمن فعل كبيرة ثم غاب عنا وكمن أخبر عن نفسه بالفسق، فهؤلاء لا يمتنع القطع في حقهم، فلا نقطع بفسقهم ولا بإيمانهم في نفس الأمر، بل بحسب الظاهر، ولا يجوز الدعاء لهم ولا عليهم إلا مشروطًا، وتختلف في حقهم كيفية الدعاء، فمن كان ظاهره الصلاح حسن حذف الشرط في الدعاء له ويكون مقدرًا، ويجوز ذلك ما لم يوهم المعاداة: إذ موالاته واجبة، وكذا تعظيمه، عملًا بالظاهر؛ ومن كان ظاهره عدم الصلاح فيجوز ذكر الشرط، ويحسن حذفه ما لم يوهم الموالاة؛ لأن معاداته وجبت باعتبار ظاهره. وكذا الاستخفاف به.

  قال النجري: ولا يجوز الدعاء المشروط على من ظاهره الصلاح، ولا الدعاء المشروط لمن ظاهره عدم الصلاح؛ لأن فيه نقضًا للموالاة والمعاداة، وهما يجبان بحسب الظاهر فقط؛ وهذا مما يتعلق بالغير. وأما ما يتعلق بالنفس فمن قطع بعصمة نفسه جاز له الدعاء لها على القطع، وإن قطع بتلبسه بكبيرة لم يجز له الدعاء لها. وهذا كله في الدعاء بالمنافع الأخروية. وأما الدنيوية فيجوز الدعاء لكل أحد بما يجوز من الله فعله، كالرزق، والعافية، مشروطًا بعدم المفسدة. وأما الدعاء بدفع المضار الأخروية كترك العقاب فيجوز عند أبي هاشم لكل أحد، سواء كان مستحقًا للعقاب أم لا، وسواء كان هو الداعي لنفسه أم لا؛ لحسن دفع الضرر مطلقًا. ومنعه أبو علي إلا لمن لا يستحق العقاب. ومما جوزه أصحابنا من الإحسان إلى الفساق والكفار إطعامهم؛ لأن الله مدح من أطعم الأسارى بقوله: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ ...}⁣[الإنسان: ٨] الآية.