تفسير قوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم ت
  على أن الحديث لم يذكر ابن بهران له تخريجًا، وإنما قال: هكذا روي. وعلى الجملة أن الجائز ما كان على جهة المداراة، وهي لين الكلام وترك الإغلاظ في القول، والمحرم ما كان على وجه المداهنة، والفرق بينهما أن المداراة الرفق بالجاهل في التعليم، والفاسق في النهي عن فعله وترك الإغلاظ عليه حيث لا يظهر ما هو فيه، والإنكار عليه باللطف حتى يرجع عما هو مرتكبه، والمداهنة معاشرة المعلن بالكفر والفسق، وإظهار الرضى بما هو فيه من غير إنكار عليه باللسان ولا بالقلب. هكذا قيل.
  وقال الإمام المهدي: هي التغاضي عن المنكر لئلا يغضب فاعله، وهذا أولى؛ إذ يعد مداهنًا وإن لم يظهر الرضى.
  قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[البقرة: ٨٥]. التظاهر: التعاون، وفي الآية دليل على قبح إعانة الظالم على ظلمه، وقد تقدم البحث في ذلك في قوله تعالى: {وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا}[البقرة: ٤١].
  فإن قيل: أليس الله قد أعان الظالم على الظلم بخلق قدرته وشهوته الداعية إلى فعله، وأزال العوائق والموانع؟ فلو كانت إعانة الظالم قبيحة لوجب أن لا يفعلها الله تعالى.
  قيل: ذلك تمكين، ولابد منه مع التكليف، وليس بإعانة؛ لعدم إرادته تعالى لوقوع الظلم، بل قد نهى عنه وتوعد فاعله، وقد مر تحقيق الإعانة في قوله تعالى: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٥}[الفاتحة].