تفسير قوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم ت
  قولهم: إن قلوبهم غلف؛ لأنها خلقت متمكنة من قبول الحق، مفطورة لإدراك الصواب، فأخبروا عنها بما لم تخلق عليه. واعترض الرازي كلام أئمة العدل بأن في تفسير الغلف وجوهًا ثلاثة، فلا يجزم بواحد منها إلا بدليل؛ سلمنا أن المراد ما ذهبوا إليه، فلا نسلم أن الآية تدل على ذم مقالتهم، وأما لعنهم فهو بسبب كفرهم، لا لقولهم هذا؛ سلمنا، فيجوز أن يكون المراد أنهم ذكروا ذلك على سبيل الاستفهام الإنكاري، يعني ليست قلوبنا غلف، بل هي قوية وخواطرنا سليمة، وقد تأملنا ما جئت به يا محمد فلم نجد شيئًا منه قويًا، فلما قالوا ذلك لعنهم الله بكفرهم بسبب هذا القول، ويحتمل أن قلوبهم ما كانت في أغطية بل كانوا عالمين بصحة نبوة محمد ÷ إلا أنهم أنكروا المعرفة، وادعوا أن قلوبهم غلف وغير واقفة على ذلك، فكان كفرهم لعنادهم.
  والجواب: أن الجزم بالتفسير الأول لم يكن لغير دليل، بل هو الذي يقتضيه الظاهر، وتوجبه القراءة المتواترة، وسائر الوجوه ضعيفة لا دليل عليها وإن كانت محتملة، لكنها لا تتخرج إلا على القراءات الشاذة.
  قوله: لا نسلم أن الآية تدل على ذم هذه المقالة.
  قلنا: دفع ذلك مكابرة، والذوق والسياق يدلان على ذمهم عليها دلالة واضحة.
  قوله: وأما لعنهم فهو بسبب كفرهم .... إلخ.