مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة [الخطاب في الآية وسببه]

صفحة 3936 - الجزء 6

  عليهم من عند الله يوجب الإيمان؛ ولهذا رد الله عليهم بقوله: {وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ}⁣[البقرة: ٩١]؛ لأنهم إذا كفروا بما يوافق التوراة فقد كفروا بها، وهذا نقض لمقالتهم، ثم أورد تعالى عليهم نقضًا آخر فقال: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ٩١}⁣[البقرة]، وبيانه أن يقال: إن التوراة قد دلت على صدق من دلت المعجزة على صدقه، ودلت على أن قتل من كان صادقًا في دعوى النبوة كفر، وأنتم قد قتلتم من دلت المعجزة على صدقه، وهذا ينقض ما ادعيتموه من الإيمان بالتوراة.

المسألة الثالثة [الخطاب في الآية وسببه]

  الخطاب للموجودين بحضرة النبي ÷، والمراد آباؤهم؛ لأنهم الذين قتلوا الأنبياء؛ وإنما وجه الخطاب للحاضرين لأنهم راضون بفعل آبائهم، ومن هنا يؤخذ من الآية أن الراضي بفعل قوم كالداخل معهم فيه.

  قوله تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ}⁣[البقرة: ٩٣] أي: داخلهم حب العجل ورسخ في قلوبهم، كما يداخل الصبغ الثوب، والشراب أعماق البدن، ففيه حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه؛ للمبالغة في تمكن حب العجل في قلوبهم، وشغفهم بعبادته؛ وفي ذلك دليل على أن فاعلًا آخر فعل بهم ذلك، ومعلوم أنه لا يقدر عليه إلا الله؛ ومن هنا أخذ المجبرة من الآية أن الله تعالى الذي يخلق الكفر في قلب الكافر، قالوا: وصرف اللفظ عن ظاهره لغير دليل ممنوع.