المسألة الأولى: [جواز النسخ]
  وسمعًا، وهذا محكي عن الشمعية منهم، ومنهم وهم العيانية من جوزه عقلًا ومنع منه سمعًا، ومن الناس من نسب إنكار النسخ إلى عموم اليهود.
  حجتنا على جوازه عقلًا أن الشرائع إنما شرعت لكونها مصالح؛ أما الواجبات فلكونها ألطافًا مقربة من فعل الطاعات العقلية، وأما المندوبات فلكونها مسهلة للواجبات، وأما المحرمات فلكونها مفاسد، ولا شك أن دفع المفسدة أهم من جلب المنفعة، وأما المكروهات فلكونها مسهلة لتجنب المحرمات؛ ولا يمتنع أن يكون الشيء مصلحة في زمان دون زمان، وفي مكان دون مكان آخر، وفي حق مكلف دون مكلف، بل العلم بجواز ذلك مقطوع به؛ وبيانه أن التكاليف مختلفة باختلاف هذه الأمور، واختلافها بحسبها دليل على اختلاف المصالح باختلافها؛ أما اختلافها بحسب الزمان فكاختصاص الصلاة والصيام ونحوهما من العبادات بأوقات مخصوصة، وأما اختلافها بحسب المكان فكالتعبد بالوقوف في عرفة دون غيرها، وأما بحسب اختلاف المكلفين فكوجوب الصلاة على الطاهر دون الحائض، واختلاف فرض المسافر والمقيم.
  دليل آخر، وهو أن أحدنا قد يعلم من حال ولده أنه قد يكون أقرب إلى ملازمة المكتب مع الرفق، وأنه مع علمه بذلك قد يعلم أن المصلحة في الشدة في بعض الأوقات، وقد يعلم أن وقوفه للدرس في هذا المسجد أصلح من وقوفه في غيره.