الباب الثاني المسائل الفقهية المتعلقة بالبسملة
  قال: وقد روي عن سعيد بن جبير قال: كان المشركون يحضرون المسجد فإذا قرأ رسول الله ÷ ﷽ قالوا: هذا محمد يذكر إله اليمامة - يعنون مسيلمة - فأمر أن يخافت ب ﷽، ونزل: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}[الإسراء: ١١٠].
  قال الترمذي الحكيم أبو عبد الله: فبقي ذلك إلى يومنا هذا على ذلك الرسم وإن زالت العلة، كما بقي الرمل في الطواف وإن زالت العلة، وبقيت المخافتة في صلاة النهار وإن زالت العلة.
  ومن حججهم ما استنبطه بعض الفقهاء من قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً}[الأعراف: ٢٠٥]، وقوله: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}[الأعراف: ٥٥]، والبسملة من ذكر الله فوجب إخفاؤها. وأجابوا عما ورد في ثبوت الجهر بها أنه ينقسم إلى ما قيد بكونه في الصلاة، وإلى ما ورد مطلقاً عن التقييد بها، فالأول لا ينتهض الاحتجاج به، ولذا قال الدارقطني: إنه لم يصح في الجهر بها حديث، والثاني لا يفيد المطلوب لأنه لا نزاع في الجهر بها خارج الصلاة، وأما الأحاديث الواردة في قراءته ÷ لها في الصلاة فلا نسلم أنها تستلزم الجهر بها لجواز أن تكون الطريق إلى ذلك إخباره ÷ أنه قرأ بها في الصلاة فلا ملازمة، وأما ما ذكر من إجماع العترة $ فلعلهم ينفون حجيته، أو ينفون صحته، إما لكون رواته من الشيعة، أو لتشتتهم في الأقطار بحيث لا يمكن الاطلاع على قول كل واحد منهم، أو نحو ذلك.