الباب الثاني المسائل الفقهية المتعلقة بالبسملة
  أكثر علماً وقرباً من رسول الله ÷ من أنس وابن المغفل. ومنها: أن من المعلوم بالضرورة أن النبي ÷ كان يقدم الأكابر والعلماء والأشراف على غيرهم، ولا شك أن علياً # وابن عباس وابن عمر كانوا أعلى حالاً من أنس وابن المغفل، قال: والغالب على الظن أن علياً، وابن عباس، وابن عمر كانوا يقفون بالقرب من رسول الله ÷، وكان أنس وابن المغفل يقفان بالبعد منه. وأيضاً أنه ÷ ما كان يبالغ في الجهر امتثالاً لقوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}[الإسراء: ١١٠] وأيضاً فإن الإنسان أول ما يشرع في القراءة إنما يشرع فيها بصوت ضعيف، ثم لا يزال يقوى صوته ساعة فساعة. قال: فهذه أسباب ظاهرة في أن يكون علي وابن عباس، وابن عمر، وأبو هريرة سمعوا الجهر بالتسمية من رسول الله ÷، وأن أنساً وابن المغفل ما سمعاه.
  قلت: ولعل ما ذكره هو السبب في الاختلاف في الجهر بها فإن من لم يسمعها لبعد أو ضعف صوت، أو رجة أصوات الناس بالتكبير ظن عدم ثبوت الجهر بها، أو عدم قراءتها، لا سيما من لم يكن له رتبة تقتضي تقديمه ولو في بعض الأحوال، فإنه استمر على ذلك، ولذا لا تجد أكثر رواة النفي والإسرار إلا من أصاغر الصحابة الذين لا مقام لهم إلا في مواضع البعد التي ينتفي فيها السماع لأحد تلك الأسباب، ولعل ظهور هذا المذهب من الأصاغر هو الحامل لأمير المؤمنين على المبالغة في الجهر بها حتى اشتهر عنه، وما رواه هؤلاء النافون جعله بنو أمية ذريعة إلى محو ما اشتهر عن علي # الا من الجهر بها؛ لأنه لما جعل المبالغة لأجل الرد على النافين، فكأنها منقبة له خاصة،