الباب الثاني المسائل الفقهية المتعلقة بالبسملة
  الثاني: أن بعض أحاديث الجهر مؤكد بما يدل على فساد صلاة من لم يجهر كذكر الخداج والنقصان، وحديث أبي هريرة إنما يدل على شرعية الإسرار من دون تعرض لصحة ولا فساد؛ إذ ليس في الخبر ما يقتضي ذلك.
  فإن قيل: بل قد ورد في رواية الشفاء وغيره ما يدل على الفساد، وهو قوله ÷: «إذا رأيتم من يجهر في صلاة النهار فارموه بالبعر».
  قيل: لعله أمر برميه بالبعر لمبالغته في الجهر وقد نهي عنه بقوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ ...}[الإسراء: ١١٠] إلخ.
  ويدل على هذا ما في الجامع الكافي عنه ÷ أنه رأى رجلاً يصلي بالنهار رافعاً صوته بالقرآن فأمر النبي ÷ أن يرمى بالبعر، على أن أمره برميه بالبعر لا يدل إلا على أن ترك الجهر أولى، وإلا لكان يمكنه أن يقول: لا تجهر أو نحوه مما يدل على الفساد.
  وعلى الجملة فليس صريحاً في الفساد بخلاف حديث الجهر بالبسملة، فثبت أن حديث صلاة النهار أولى بالتخصيص.
  الأمر الثالث: أنا لو أجرينا هذا الحديث على ظاهره لخلت أحاديث الجهر بالبسملة عن الفائدة؛ لأنه لو كان حكمها حكم الفاتحة في الجهر والإسرار لكفي أن يقول: هي آية منها، وإذا كان بقاء ذلك الحديث على ظاهره يؤدي إلى مثل هذا المحذور وجب القول بأنه أولى بالتخصيص صوناً لكلام الحكيم عن العبث.