مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 504 - الجزء 1

  التي يتناولها اللفظ بحسب العرف فهي للاستغراق العرفي، فهذه أربعة أقسام:

  القسم الأول: أن يشار بها إلى الحقيقة أي الماهية باعتبار حضورها في الذهن مع قطع النظر عن الأفراد كقولك: الرجل خير من المرأة أي حقيقة الرجل من حيث هي هي خير من حقيقة المرأة من حيث هي هي، ومعنى من حيث هي هي أن المراد بلفظ الرجل مفهومه الذهني، وهو الذكر الإنساني من غير ملاحظة لما صدق عليه ذلك المفهوم من الأفراد، ومن ذلك اللام الداخلة على المعرَّفات بفتح الراء نحو: الكلمة قول مفرد، والإنسان حيوان ناطق، والكليات كالإنسان نوع لأن التعريف للماهية، وعلامتها أن لا تخلفها كل لا حقيقة ولا مجازاً.

  القسم الثاني: أن يشار بها إلى الحقيقة باعتبار وجودها في بعض الأفراد غير معين، وذلك عند قيام قرينة دالة على أنه ليس القصد إلا نفس الحقيقة من حيث هي هي بل من حيث وجودها، لكن لا في ضمن جميع الأفراد، بل في البعض كقولك: ادخل السوق، فقولك: ادخل قرينة على أنه ليس المراد حقيقة السوق من حيث هي لاستحالة الدخول في الحقيقة، ولا الحقيقة في ضمن جميع الأفراد لاستحالة دخول الشخص الواحد جميع أفراد السوق، فعلم من هذا أن المراد الحقيقة في ضمن بعض الأفراد، ثم هذا البعض غير معين؛ لأن الفرض أن لا معهود في الخارج، ومنه قوله تعالى: {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ}⁣[يوسف: ١٣] إذ الأكل قرينة على أنه ليس المراد الحقيقة، وهذه اللام تسمى عند أهل المعاني بلام العهد الذهني، وقد اعترض بأن الفرد هنا