قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  قالوا إن الثواب والعقاب يستحقان لما يستحق به المدح والذم، وقرروا ذلك بما يفيد القطع، وبنوا عليه استحقاق دوامهما - أعني الثواب والعقاب - وكل ذلك يدل على أن المدح لا يكون إلا على الأفعال الاختيارية، ولا تضرنا مشاغبة الخصم في ذلك مع ظهور مخالفته لما علم ضرورة على أن الزمخشري قد حقق في تفسير سورة الحجرات بطلان مدح الإنسان بغير فعله وهو من أئمة اللغة، وإذا ثبت هذا فنقول: إذا ثبت الترادف كان ذكر الحمد مغنياً عن التصريح بكون المحمود عليه اختيارياً؛ لأنه لا يكون إلا كذلك.
  فإن قيل: فما فائدة التصريح به فيما حده به جماعة منهم الحسين بن القاسم، وابن لقمان، والعزيزي، وأبو السعود فقالوا: في حده ما حاصله إنه الوصف بالجميل على الجميل الاختياري للتعظيم، زاد بعضهم سواء تعلق بالفضائل أي صفات الكمال كقولنا: فلان شجاعٌ كريم، أم بالفواضل كإقراء الضيف وإغاثة اللهيف، وغير ذلك من النعم.
  قيل: أما من لا يقول بترادف الحمد والمدح منهم وأن المدح يكون على ما ليس باختياري ففائدة ذكره إخراج المدح، وأما من يقول بالترادف ففائدته تحقيق(١) الماهية، أو دفع توهم إرادة الجمع بين الحقيقة والمجاز عند من يجوزه(٢)، والظاهر من كلام هؤلاء عدم الترادف
(١) يعني أنه لزيادة توضيح ماهية الحمد لكونه لا يكون إلا على الاختياري تمت مؤلف.
(٢) أي يجوز جمعهما في حد واحد ويكون المراد بالحمد معناه الحقيقي وهو ما كان على الجميل الاختياري والمجازي وهو ما كان على غير الاختياري لتنزيله منزلته. تمت مؤلف.