مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 526 - الجزء 1

  إلا ابن لقمان قلم يتعرض لذكر المدح، وينبغي التعرض لما ورد على هذا الحد، وتحقيق مقاصده إذ لا يخلو ذلك عن فائدة يتنبه لها، أو يستدعي المقام ذكرها فنقول: إن قيل: لم عدل عن قولهم الثناء باللسان إلى الوصف، فجوابه من وجوه:

  أحدها: أن ذكر الوصف يدل على كونه باللسان بالتضمن، فإنك إذا قلت: وصفت فلاناً لم يتبادر منه إلا فعل اللسان، وإذا كان اللسان مفهوماً من الوصف كان العدول إليه أولى للإيجاز، ويدل على هذا أن العزيزي قد صرح به فقال: هو الثناء باللسان، ثم ذكر معنى الحد المذكور.

  الثاني: أنه عدل عنه لشمول حمد الباري تعالى لنفسه ولصالحي عباده عند من يسميه حمداً؛ لأنه لا يكون باللسان، وأما الوصف فهو يتناوله لأن الذي في كتب اللغة أن الوصف النعت، والنعت لا يتبادر منه عند الإطلاق إلا القول وإن استعمل في غيره كما في قولهم عبدك أو أمتك نُعتة بالضم أي غاية في الرفعة فمجاز أي فيه من الصفات ما ينعت به، لكنه بالغ في بيان استحقاقه للنعت حتى جعله نعتة في نفسه.

  قلت: وتسمية ثنائه تعالى على نفسه وعلى أوليائه حمداً قد ورد ما يدل عليه، فمن ذلك ما أخرجه ابن جرير عن الأسود بن سريع أن النبي ÷ قال: «ليس شيء أحب إليه الحمد من الله، ولذلك أثنى على نفسه فقال: الحمد لله»، وقال ÷ في جملة دعاء: «لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ...» الحديث، أخرجه مسلم،