مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 530 - الجزء 1

  نفس الذات فكذلك، وإن قيل بأنها زائدة فلأنها لما كانت لا تنفك عن الذات وليست غيراً عدت اختيارية حكماً، لكن بواسطة ملازمتها للذات، وقد صرح أبو السعود في حده للحمد بأن منشأ الاختياري ينزل منزلته، فقال: الحمد هو النعت بالجميل على الجميل اختيارياً كان أو مبدأ له على وجه يشعر بتوجيهه إلى المنعوت.

  وأما قولهم: للتعظيم فقد تقدم بيان الفائدة في زيادتها في الكلام على الحد الأول.

  فإن قيل: ذكر الثناء والجميل وأنهما لا يقعان إلا على الجميل يغني عن التصريح به؛ إذ الثناء بالجميل على الجميل يستلزم قصد التعظيم.

  وأجيب بأن دلالة الالتزام مهجورة في التعاريف، وكذا يجاب عما يقال: إن اعتبار قصد التعظيم يستلزم أن يكون المحمود عليه جميلاً فلا يكون للتصريح بقوله على الجميل فائدة.

  فإن قيل: تمثيلهم للفضائل بالشجاعة ونحوها مما ليس من فعل الإنسان ينافي اشتراط الاختيار في المحمود عليه.

  قيل: ليس المحمود عليه منها إلا ما كان من فعل المحمود؛ لأن الفضائل تنقسم إلى غريزي ومكتسب، فالأول من فعل الله لا يتعلق به أمر ولا نهي، ولا مدح ولا ذم، وهو المعنى الذي لا يقدر المكلف على دفعه ولا على تحصيله، وإنما هو أمر قلبي غريزي يحدثه الله تعالى، لكنه سبب باعث على المكتسب أي الفعل الاختياري الممكن للعبد فعله وتركه كالإقدام ونحوه، وهذا هو الذي يتعلق به الحمد