قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  ولا أنها موجبة للفعل، وقد مر الكلام على ذلك في المقدمة. وأما قوله إنه لا يمكنه الشكر إلا بواسطة إنعام من الله فيؤدي إلى استحالة الشكر.
  فالجواب: أنا قد بينا فيما مضى أن الشكر عرفان الإحسان ونشره، وزاد بعضهم الطاعة لله في أمره ونهيه، وهو بهذا المعنى من المممكنات قطعاً، فمن عرف أن ما به من نعمة فمن الله وأقر بها بلسانه، واتبع أمره، واجتنب مناهيه، فقد أدى ما يجب عليه من الشكر، وبطل قوله أن يكون محالاً إذ لا يكون محالاً إلا لو كان معنى الشكر أن يحدث لكل نعمة من نعم الله من ابتداء وجوده إلى انتهاء أجله شكراً خاصاً بها، مفعولاً لأجلها لأن ذلك يؤدي إلى التكليف بما لا يطاق بأنه فرع على إحصائها، وقد أخبر الله بامتناعه، فإن أراد أن المنفي إمكانه هو الشكر اللائق بجلال الله سبحانه، فمسلم أنا لا نقدر على ذلك ولم يقدر عليه النبي ÷ بدليل حديث: «لا أحصي ثناء عليك» ونحوه.
  وقال علي #: (الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون).
  وقال: (الحمد لله غير مفقود الإنعام، ولا مكافأ الإفضال). رواه في النهج، لكن لا تكليف علينا إلا بما يبلغه وسعنا كما قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦]، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦].
  والجواب عن الوجه الثالث: أنه قصر الحمد هنا على العلم بالله وصفاته، وهو يخالف ما مر له من حمله على القول، والاعتقاد،