مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 586 - الجزء 1

  لأنه تعالى إذا كان عالماً بقبحه وعالماً بأنه غني لا يحتاج إلى شيء فقد خلص صارفه، وإنما قلنا إن كل من فقد داعيه وخلص صارفه عن الفعل فإنه لا يفعله، فلأنه لو وقع والحال هذه البطل وقوعه على حسب الداعية، وخرج عن كونه مقدوراً له لأن حقيقة الفعل ليس إلا وقوعه على حسب الداعية.

  قلت: وقد استدل بهذا الدليل على التقرير الذي قرره الإمام يحيى # من فقد الداعي أبو الهذيل، وأبو إسحاق ابن عياش، وأورده الإمام أحمد بن سليمان # بنحو ما ذكره أبو الحسين، ولفظه: والعقل يحكم ويشهد على أنه لا يفعل القبيح إلا من جهل قبحه، أو احتاج إلى فعل القبيح لشهوة داعية، أو غضب مؤذٍ، أو طمع فيما لا يجوز، أو سفاهة أو سخف رأي، أو استماع مشورة مضل أو جاهل، فمن كان فيه بعض هذه الصفات لم يؤمن منه فعل القبيح، أو الرضا به، أو الأمر به.

  قلت: وإذا لم يفعل القبيح إلا لأحد هذه الأسباب، فالمعلوم استحالتها على الباري تعالى فثبت أنه لا يفعل القبيح. والحمد لله.

  الحجة الثانية: أنه تعالى قد تمدح بنفي الظلم عن نفسه، فلو فعله لم يكن للتمدح بنفيه عن نفسه وجه، وفي هذه الحجة رد على المجبرة أيضاً لأنه إذا كان وقوعه منه لا يوجب القبح كان كالعدل سواء، والعدل لا يحسن التمدح بنفيه.

  الحجة الثالثة: أن العقول مفطورة على تنزيه من اختص بصفة كمال على الجواز، فكيف من اختص بصفات الكمال على الوجوب.