قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  قادر لذاته، والعبد جاهل محتاج، فكان ذم العبد أقل لجهله وحاجته، ألا ترى أن العالم الغني من الناس إذا فعل قبيحاً كان ذمه عند الناس ولومه أكثر من ذم الجاهل الفقير إذا فعل مثل ما فعل العالم.
  قال #: فصح أن الله تعالى لا يفعل جوراً، ولا ظلماً، ولا يجبر الخلق على فعل، ولا يكلف أحداً فوق طاقته، ولا يفعل قبيحاً، ولا يريده، ولا يحبه، ولا يرضاه، ولا يأمر به، ولا يكذب، ولا يخلف وعداً، ولا وعيداً.
  قلت: وقد نبه # على أن هذا الدليل من قياس الأولى كما لا يخفى، وقد صرح بذلك الإمام عز الدين # فقال: اعلم أن هذا الدليل هو المعتمد في كتب الأصحاب، والمتداول في ألسنتهم، وهو بطريقة القياس، لكن هذا يسمى قياس الأولى لوجود العلة في الغائب أقوى مما في الشاهد فيكون قطعياً. ذكره في المعراج.
  واعلم أن هذه الحجة هي لما كانت شجاً في حلوق المجبرة، وقذى في عيونهم شنوا عليها الغارات، وأوردوا عليها ما أمكنهم من الاعتراضات، ونحن نذكر ما وقفنا عليه منها، وجوابه(١)، إذ في ذلك تحقيق للدليل، وتوضيح للسبيل، ولا أظنه يفوتنا شيء مما أوردوه إن شاء الله، وقد عبرنا عن إيرادهم بالاعتراض الأول والثاني إلى آخرها، وأتبعنا كل اعتراض بجوابه.
(١) هكذا في الأصل، ولعل الصواب: (أن في ذلك) انتهى.