مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 590 - الجزء 1

  والجواب: أن قياس الغائب على الشاهد صحيح إذا وقع على وجهه، بل قد قيل: إنه لا طريق إلى إثبات الصانع وصفاته إلا القياس على الفاعل في الشاهد.

  وقال السيد حميدان: إن المخالف في صحة القياس العقلي يوصف بالغلط والجهل، ومما يدل على صحته أنا لو وجدنا بناء في فلاة فإنا نعلم أن له بانياً، وليس ذلك إلا بالقياس على ما نشاهد من المبنيات في حضرتنا، والجامع عدم الفارق بينهما، ولم يضل من ضل من الملحدة والمجسمة إلا لتركيبهم القياس على الوجوه الفاسدة.

  واعلم أن الوجوه الصحيحة التي يصح معها قياس الغائب على الشاهد أربعة:

  أحدها: الاشتراك في العلة، كما نقول في الاستدلال على إثبات الصانع أنا نعلم ضرورة أن كل صناعة في الشاهد محتاجة إلى صانع لأجل كونها محدثة، ووجدنا العالم محدثاً فيحتاج إلى صانع لأجل كونه محدثاً، فهذا جمع بين الشاهد والغائب بالاشتراك في العلة، ومعنى الجمع بينهما أنا أثبتنا صانع العالم كما ثبت الصانع في الشاهد.

  الوجه الثاني: الجمع بينهما بما يجري مجرى العلة كالاستدلال على أنه تعالى مريد لوجود أفعاله على الوجوه المختلفة، كما في الشاهد، وبيان الجمع بينهما من هذا الوجه أنا نستدل على كون أحدنا مريداً بوقوع أفعاله على الوجوه المختلفة، نحو كون صيغة افعل أمراً وتهديداً، فإنه لا يفرق بينهما إلا بكونه مريداً لما تناولته في الأمر،