مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 591 - الجزء 1

  وكارهاً له في التهديد؛ إذ الصيغة واحدة وهي افعل، ولما وجدنا من أفعال الله ما يقع على وجوه مختلفة نحو جعل بعض المضار من قبله تعالى امتحاناً، وبعضها انتقاماً ونحو ذلك، وجب القول بأنه تعالى مريد لوقوع أفعاله على وجوه مختلفة كما في الشاهد للاشتراك فيما يجري مجرى العلة، وهو حصول الأفعال على وجوه مختلفة مع اتفاقها في الصورة.

  الوجه الثالث: الجمع بينهما بطريق الحكم كما يستدل على أنه تعالى قادر لصحة الفعل منه، وتعذره على سواه كما في الشاهد، وكذلك كونه عالماً وحياً وموجوداً، فإنا لما علمنا أن من صح منه الفعل في الشاهد يجب أن يتميز على من تعذر عليه، وأن يكون قادراً لأجل ما صح منه وتعذر على غيره، وعلمنا أن هذا الوجه قد وجد في أفعال الله تعالى، فإنه قد صح منه من الفعل ما يتعذر على غيره حكمنا بأنه تعالى قادر، وكذلك إحكام الأفعال يدل على كونه عالماً، وصحة هذين الوصفين يدل على كونه حياً موجوداً كما في الشاهد لاشتراك الجميع في طريقة الفعل، والطريقة هي صحة الفعل، وإحكامه، والحكم هو كونه قادراً ونحوه.

  الوجه الرابع: أن يكون ثبوت الحكم في الشاهد لوجه، ويكون ثبوته في الغائب لأجل ذلك الوجه أولى، ومنه هذا القياس الذي نحن بصدد الذب عنه.

  واعلم أن الله قد نبه على صحة القياس العقلي الواقع على أحد هذه الوجوه في كتابه، كما في قياس النشأة الأخرى على الأولى