مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 592 - الجزء 1

  وغيره، وبما قررنا تعرف بطلان الوجوه التي قرروا بها اعتراضهم، أما الوجه الأول فلأنا قد بينا الرابطة، وأما الوجه الثاني فلأنه إنما جاز أفعاله تعالى دون ذاته لوجود الرابطة في الأفعال دون الذات؛ إذ ليس كمثله شيء، ولا مشاركة بينه وبين خلقه فيما يرجع إلى الذات لا في الجنسية، ولا في غيرها تعالى الله عن ذلك، وبهذا تعرف بطلان الملازمة التي ذكروها، وما ذكروه في بيانها من أن الأفعال صفات الذات، فنقول صادر عن غير روية ولا نظر؛ إذ المعلوم أن الأفعال ذوات مستقلة بأنفسها، وأن ذات الفاعل تعلم من دونها في الشاهد والغائب، وإنما هي أدلة على ثبوت الفاعلين، والدليل غير المدلول، ثم إن دعوى الملازمة يؤدي إلى القول بحلول العالم في ذات الله تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً لأنه لا معنى للملازمة إلا إذا كانت صفة ذاتية، ويؤدي إلى القول بأن الكلاب والخنازير وغيرها من الأشياء النجسة صفات لله تعالى عن ذلك، وحسبك في إبطال هذه الدعوى تأديتها إلى مثل هذه الأباطيل، والخرافات.

  وأما الوجه الثالث: فلأنه إنما وقع الضلال؛ لأنهم لم يجمعوا بين الشاهد والغائب إلا بمجرد الوجدان لا بوجه من الوجوه الجامعة، ألا ترى أن المجسمة إنما استندوا إلى أنهم لم يجدوا فاعلاً إلا وهو جسم، والملحد قال: لم أجد فرعاً إلا من أصل، فوجب أن لا يكون للعالم صانعاً أصلاً، فعولوا على ما عرفوا من أنفسهم فقط من غير جهة جامعة، وعدم علمهم لا يكون حجة على من قد علم ما جهلوا إما بمشاهدة، أو دلالة، كما أن قول الزنجي لم أجد إلا أسوداً لا يكون