مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 629 - الجزء 1

  الآخر - وهذا بالكسر أيضاً - وإذا حسن الفعل لأجل الأمر وجب أن لا يحسن من الله حسن لفقد الأمر، كما أنه لا يقبح منه قبيح لفقد النهي.

  ومن قال: إن أفعال الله غير حسنة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه.

  فإن قيل: لا نسلم أن نقيض القبح الحسن، بل نقيضه لا قبح، وأما الحسن فهو ما لا يرد النهي عنه ممن له النهي وهو المالك، وعلى هذا فأفعال الله كلها حسنة، فلا يلزم ما ذكرتم.

  قيل: لو كان الحسن ما ذكرتم لوجب حسن الظلم، والكذب قبل ورود الشرع؛ إذ لا نهي، وأنتم موافقون لنا في إثبات الحسن والقبح العقليين، وإنما خالفتم في تفسيرهما، وقد أوضحنا فيما مر أنه لا محيد لكم عن التفسير الذي ذكرناه، ولذا قلنا: إنكم موافقون لنا في المعنى، وقد بينا فيما مر أن من أنكر قبح الظلم ونحوه قبل ورود الشرع، ولم يفرق بينه وبين العدل، فإنه لا يستحق المناظرة.

  وبعد فلو كان علة القبح النهي لما عرف القبح من لا يعرف الناهي والنهي، كالملحدة، ومن لا يعرف الشرائع كالبراهمة، والجاهلية؛ لأن العلم بالقبح يتفرع على معرفة وجه القبح جملة، أو تفصيلاً، والمعلوم من حال هؤلاء أنهم يستقبحون الظلم والكذب، ويستحسنون ذم فاعلهما، وأنتم تعترفون بذلك، لأنكم قد أقررتم أن العقلاء يعدونهما صفة نقص، وقد قدمنا أنه لا معنى للنقص إلا كون الفاعل يستحق الاستخفاف، والذم أحد أنواع الاستخفاف،