المسألة السابعة [استطراد لذكر الحسن والقبح العقليين]
  وإذا عرفت الخلاف فنقول: احتج أصحابنا بأن كل فعل عار عن الغرض، فهو عبث؛ إذ لا معنى للعبث إلا ذلك، وقبح العبث معلوم ضرورة، والله لا يفعل القبيح فتعين أن يكون لغرض، وذلك الغرض لا يخلو إما أن يعود نفعه إلى الله تعالى، أو إلى المخلوقين، الأول باطل لأن المصالح والمنافع لا تجوز إلا على من جازت عليه الحاجة، والباري تعالى لا تجوز عليه الحاجة، فتعين أن الغرض نفع المخلوقين بمنافع عاجلة أو آجلة.
  احتج الرازي على استحالة الغرض على الله تعالى بوجوه ثلاثة:
  أحدها: أن يقال لو أوجد العالم لغرض لكان ذلك الغرض إما قديم، أو محدث، والأول باطل، وإلا لزم قدم العالم لوجوب حصول الفعل لأجل الغرض، والثاني: باطل أيضاً، وإلا احتاج الغرض إلى غرض فيتسلسل ويدور. وأجيب بأنه أوجده لما يعلمه في الأزل من أنه إذا أوجده انتفع بإحسانه، وليس الداعي موجباً، فيلزم قدم العالم؛ هذا معنى جواب الإمام المهدي # وهو يقتضي التزام قدم الغرض، بل قد صرح به في جوابه، فإنه قال: قلنا: أوجده لغرض أزلي، وهو علمه بأنه إذا أوجده ... إلخ ما ذكرنا، وفي هذا الجواب نظر؛ لأنه يقتضي إثبات الغرض قديماً، ولا قديم مع الله تعالى؛ والأولى في الجواب ما ذكره النجري، وهو أن الغرض محدث وهو انتفاعهم، ويدفع التسلسل والدور أن الانتفاع من فعلهم، وإنما الذي من فعل الله هو خلق العين المنتفع بها.