مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 634 - الجزء 1

  الوجه الثاني: قال الرازي: الغرض في فعل الله إما أن يكون له في انتفاع ذلك الغير غرض يعود عليه فيلزم صحة الحاجة عليه تعالى، وهو محال، أو لا غرض فيه يعود عليه لزم كون وجود الفعل بالنظر إليه تعالى وعدمه على سواء، وإذا كان وجوده وعدمه على سواء فلا معنى لكونه غرضاً مرجحاً للإيجاد، بل يستحيل كونه غرضاً.

  قال الإمام عز الدين #: ويمكن الجواب بأن حاصل دليلك هذا إنكار أن يكون النفع العائد إلى الغير غرضاً، وهو نفس المتنازع فيه، فإنا نقول إنه غرض صحيح، وإنه يعلم بالعقل حسن إرشاد الضال عن الطريق، وإطعام جائع قد أشرف على الهلاك، وإن فرضنا عدم حصول نفع في ذلك يعود إلى المرشد والمطعم بأن لا يخطر بباله ثناء ولا ثواب، أو بأن يكون ممن يجهل ذلك.

  وقال النجري في جواب هذا الوجه: وقولهم لا بد أن يعود الغرض على الفاعل قلنا: هو عائد عليه من حيث كونه غرضاً باعثاً لا من حيث كونه نفعاً، وليس يلزم أن يعود عليه من كل وجه.

  واعلم أن الإمام المهدي # قد أورد هذا الوجه، وقال: إنه شبهة واقعة يدق المسلك إلى التخلص منها إلا بتوفيق الله وهدايته، ثم أجاب عنه، وحاصل جوابه أنا نختلف نحن والمجبرة في الإحسان المجرد عن كل غرض يعود إلى فاعله سوى كونه إحساناً، هل يكفي في البعث على الفعل أم لا، فعندنا أنه يكفي، وعندهم لا يكفي؛ لأنه مع استواء العدم والوجود فيما يعود إلى الفاعل من النفع يستحيل أن يكون باعثاً له على الإيجاد.