مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 658 - الجزء 1

  فكيف في حقه تعالى عن ذلك علواً كبيراً، ثم ألزمهم أن لا يوثق بخبره، وذلك تكذيب لقوله تعالى: {لَا رَيْبَ فِيهِ}⁣[السجدة: ٢] {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ}⁣[فصلت: ٤٢] ومن سب الله تعالى، أو كذبه، أو رد آية من كتابه كفر إجماعاً، وفي إطلاقه # الرواية عنهم بأن الله يفعله نظر، فإنهم إنما يقولون إنه يجوز فعل القبيح لانتفاء العلة، لكنه لا يفعل الكذب، ولا يظهر المعجز على يد الكاذب؛ لأن حكمته تمنع من ذلك، والجواب من وجهين:

  أحدهما: أن الحكمة إنما تمنع من فعل القبيح وهو حسن من الله عندكم، فجوزوا عليه الكذب، وبعثة الكذاب في تجويزهما ما ألزمناكم من إبطال الشرائع.

  الثاني: أن نقول بم عرفتم أن الحكمة تمنع من وقوع الكذب؟ فإن قالوا: بالشاهد، قلنا: لا فعل للشاهد عندكم حتى تعرفون به ذلك، وإن قالوا بالعقل، قلنا: أنتم الآن في إبطال حكمه، وإن قالوا بالسمع، قلنا: هذا دور محض؛ لأنا لا نعلم أن الحكمة تمنع من الكذب ونحوه من الله إلا بالسمع، والسمع لا يعلم خلوه من ذلك إلا بأن الحكمة تمنع منه، فإن قالوا: لنا حجة أخرى تمنع تجويز الكذب عليه تعالى، فلا يلزمنا ما ألزمتمونا من إبطال الشرائع، وهي أنه صادق لذاته، فلا يدخل الكذب في مقدوره، ولا يلزمنا جواز بعثة الكذابين؛ لأن المعجز وضع ليدل على الصدق فتستحيل دلالته على صدق الكذاب، ولو قدر على إظهاره على الكذاب لزم قدرته على تعجيز نفسه؛ إذ لا طريق إلى تعريفنا بالصادق إلا المعجز، فلو قدر