المسألة التاسعة [تمسك العدلية بالحمد على صحة العدل]
  يجب على الله واجب، وأما على مذهبنا فلأنه لا وجه لوجوبه عليه؛ لأنه ليس بمنعم على نفسه حتى يجب عليه شكرها، وإنعامه على الغير لا يوجب الشكر لنفسه على نفسه غايته أنه يحسن منه. والله أعلم.
  وأما المجبرة فقد ذكر الرازي لتمسكهم بالآية وجوهاً:
  الأول: أن كل من كان فعله أشرف وأكمل، وكانت النعمة الصادرة منه أعلى وأفضل كان استحقاقه للحمد أكثر، والإيمان أفضل الأفعال، فلو كان فعلاً للعبد لكان العبد أولى بالحمد من الله، والمعلوم أنه ليس بأولى، فصح أن الإيمان حصل بخلق الله لا بخلق العبد.
  والجواب: أنا نقول ما أردت بكونه أشرف الأفعال، هل أردت أنه أشرفها بالنظر إلى كونه فعلا مجردا، فذلك دعوى مجردة عن الدليل، بل هو مخالف للضرورة، فإن في أفعال الله تعالى وأفعال العباد ما هو أشرف من الإيمان من حيث أنه مجرد فعل، ألا ترى أن الجنة أشرف منه، والشمس، والكواكب بالنظر إلى كونها أفعالا مجردة أشرف منه لأنها أفعال مضيئة مشرقة دونه، وكذلك في أفعال العباد ما هو أشرف منه من حيث كونها أفعالاً، فإن لبس الثياب الفاخرة، والتطيب بالروائح الطيبة أشرف منه، أم أردت أنه أشرف منها لما فيه من النفع، فإن أردت نفع المؤمن به وهو الله تعالى فذلك باطل؛ إذ لا يجوز عليه النفع، وإن أردت نفع فاعله فذلك لا يقتضي أنه أفضل الأفعال كلها، وإلا لزم في كل فعل فيه نفع لفاعله أن يكون أفضل الأفعال، والمعلوم خلافه، فثبت أن الإيمان ليس أشرف الأفعال كلها، وغايته أنه أشرف