مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 722 - الجزء 2

  الثمانية المتقدمة وبعضهم لم يوجب إلا بعضها، وسيأتي ذكر الخلاف فيما اختلفوا فيه في موضعه، وكذلك الحجة على وجوب كل واحد منها سيأتي في موضعه، ولا نذكر في هذا الموضع إلا الحجة على صحة إطلاق الوجوب على الله في الجملة فقط، وممن قال بنفي إطلاق الوجوب على الله من المتأخرين الإمام القاسم بن محمد # وأتباعه.

  قال في (الأساس): وما يفعله الله قطعاً - يعني من غير شك في فعله؛ لأنه قد أخبرنا به وقضت به حكمة العدل، وهي الثمانية المتقدمة - فلا يقال: إنه واجب عليه.

  احتج القائلون بصحة إطلاق الواجب عليه تعالى بأن الواجب إنما يبين عما ليس بواجب بأنه ليس للقادر عليه الإخلال به، فإذا حصلت هذه الحقيقة في حق الباري تعالى وجب إجراء العبارة المفيدة عليه تعالى إذ لا مانع.

  احتج المانعون أنه قد ثبت أنه لا يجوز أن يجري عليه من الألفاظ ما يوهم الخطأ، وإطلاق الوجوب يوهم ذلك؛ لأنه يوهم التكليف له تعالى ذلك الواجب؛ لأن الوجوب فيه تحميل المشقة، ولقائل أن يقول: ما أردتم بأنه يوهم هل من حيث الوضع أم من حيث العرف العام؟ أم من حيث العرف الخاص؟ إن كان الأول فلا إيهام؛ لأن الذي يصح من المعاني اللغوية للواجب هنا الثابت، والثابت لا يعتبر في كونه ثابتا مشقة ولا عدمها، فيقال لما ليس للقادر الإخلال به أنه ثابت، أي لا يجوز تركه ولا إيهام في ذلك، وإن كان الثاني فلا اعتبار بعرف