مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 724 - الجزء 2

  فذلك لا يمنع الوجوب عليه تعالى؛ لأنهم مكلفون بشكره، ولا قدرة لهم على القيام بما كلفوا إلا بالتميكن ونحوه، وإلا كان تكليفاً بما لا يطاق، وإذا كان لابد من التمكين وأنه لو كلفهم مع عدمه لقبح فهو معنة الوجوب، وغاية الأمر أنه يمنع وجوب الثواب والبعث على الله تعالى؛ لأنهم قد استحوا ما هو في مقابلة طاعاتهم وهو مالك النعم، فيكون الثواب والبعث لأجله تفضلاً محضاً.

  ولقائل أن يقول: إنا وإن سلمنا أن الثواب تفضل وأنه لا يجب عليه من حيث أنه جزاء على العمل فإنا نقول: إنه وجب عليه؛ لأنه قد أخبرنا ووعدنا به وهو أصدق القائلين ولا يخلف الميعاد، فلو أخل بفعله والحال هذه لقبح منه وهو معنى الوجوب.

  وعلى الجملة إنه لم يظهر لكون الشكر يمنع وجوب الجزاء عليه وجه، بل الظاهر أنه سبب في الوجوب، وذلك أن الله تعالى قد وعد الشاكرين بالزيادة في النعمة، وما وعد به فلا يجوز تخلفه لقبح الخلف، وما قبح الإخلال به فهو واجب، فعلى هذا يكون الشكر سبباً في الوجوب على الله تعالى، ودليلاً عليه لا مانعاً له.

  وفي كلام علي # ما يدل على ما قلنا، وهو قوله # في الحمد ... : (حمداً يكون لحقه قضاءً ...) إلى قوله: (والحسن مزيده موجباً) فجعل الشكر على وجوب الزيادة، وأما الأدلة السمعية التي تفيد الوجوب فسيأتي الكلام عليها في مواضعها.

  ومن كلام أمير المؤمنين #: (لا يجري لأحد إلا جرى عليه،