قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  ولا تجري عليه إلا جرى له، ولو كان لأحد أن يجرى له ولا يجرى عليه لكان ذلك خالصاً لله سبحانه دون خلقه، لقدرته على عباده، ولعدله في كل ما جرت عليه صروف قضائه، ولكنه سبحانه فعل حقه على العباد أن يطيعوه وجعل جزاؤهم عليه مضاعفة الثواب تفضلاً منه وتوسعاً بما هو من المزيد أهله)، رواه في النهج، وكلامه # يدل على أن كون الطاعات شكراً لا يمنع وجوب الجزاء الذي قد أخبر به ووعد به.
  فإن قيل: كلامه # ليس صريحاً في الوجوب بل فيه ما يقتضي عدم الوجوب وهو قوله: وجعل جزاهم عليه مضاعفة الثواب؟
  قيل: قد أجاب عن هذا العلامة ابن أبي الحديد |، وحاصل ما قاله: إن معناه ليس أحد من الموجودين بمرتفع عن أن يجري عليه الحق، ولو كان أحد كذلك لكان أحقهم بذلك الباري تعالى؛ لأنه السيد المالك، لكنه سبحانه يستحق عليه أمور، فهو في هذا الحكم كأحدنا يستحق ويستحق عليه، وإنما حذف أمير المؤمنين تأدباً من إطلاق الوجوب على استحقاق عليه تعالى ولا يقال: فما بال المتكلمين لا يتأدبون بادبه؛ لأنا نقول هم أرباب صناعة وعلم يحتاج إلى ألفاظ واصطلاح لابد من استعماله للإفهام والجدل بينهم، وأمير المؤمنين لا يحتاج إلى ذلك هنا؛ لأنه لم يرد تعليم هذا العلم، وإنما أراد بيان ما يجب له على رعيته وما يجب لهم عليه، فصح أنه على القول بالوجوب.