المسألة الثالثة: فيما يحتاج إليه الناظر في كتاب الله
  أو أسلمتك إلى ضلالة، فإن أيقنت أن قد صفا قلبك فخشع، وتم رأيك فاجتمع، وكان همك في ذلك هماً واحداً فانظر فيما فسرت لك، وإن أنت(١) لم يجتمع لك ما تحب من نفسك، وفراغ نظرك وفكرك فاعلم أنك إنما تخبط العشواء، وتتورط الظلماء، وليس طالب الدين من خبط أو خلط، والإمساك عن ذلك أمثل)(٢).
  وفي كلامه # التوصية بآداب النظر التي أكثر الناس فيها الكلام، ووسعوا في إيضاحها المقام، ومن أنصف عرف أن القول ما قالت حذام.
  قال ابن أبي الحديد |: واعلم أنه قد أوصاه إذا هم بالشروع في النظر بمحض ما ذكره المتكلمون، وذلك أمور: منها: أن يرغب إلى الله في توفيقه وتسديده. ومنها: أن يطلب المطلوب النظري بتفهم وتعلم لا بجدال ومغالبة، ومراء ومخاصمة. ومنها: اطراح العصبية لمذهب بعينه، والتورط في الشبهات التي يحاول بها نصرة ذلك المذهب. ومنها: ترك الإلف والعادة، ونصرة آمر يطلب به الرئاسة وهو المعني بالشوائب التي تولج في الضلال. ومنها: أن يكون صافي القلب، مجتمع الفكر، غير مشغول السر بأمر من جوع، أو شبق، أو غضب، ولا يكون ذا هموم كثيرة وأفكار موزعة مقسمة، بل يكون فكره وهمه هماً واحداً.
(١) في الأصل: (وإن أنت) ص ٩ ج ١ س ٢٣.، وفي النهج بدون (أنت) ولعلها أصوب.
(٢) نهج البلاغة (٣٩٤ - ٣٩٥) ٥٣١، ٥٣٠. أعلمي.