مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 732 - الجزء 2

  استحقاقه تعالى للحمد يقضي بأنه يصح القول باستحقاقه تعالى لهذه الصفات في الأزل بالقوة، وقد أشار إلى هذا الإمام محمد بن علي الفوطي # في كتابه (البدر المنير) إلا أنه شرط أن يكون ذلك معرفاً بالألف واللام، ونحن نأتي بكلامه # على وجهه، فنقول: قال في الكتاب المذكور: يقال: إن الله تعالى الخالق الأزلي، ولا يقال: خالق فيما لم يزل لإيهام اجتماع النقيضين من كون لفظ الخلق يقتضي حدوث المخلوق، وقولك خالق فيما لا يزل يقتضي التقدم من غير تحديد، فيؤدي إلى كون الشيء محدثاً قديماً، وذلك محال، ولأنه يوهم أن مع الله تعالى قديماً غيره، وذلك محال، وكذلك صفات الله تعالى التي اتصف بها لأجل أفعاله تعالى فهو يوصف بها أزلية، باعتبار إمكان ما اتصف تعالى بها لأجله من حدوث ما سيكون من أفعاله تعالى فيقال: لا يزال الخالق الباري، المصور، المحمود، الرب، الغفار، الشكور الصمد، أي المتمكن من فعل هذه الأشياء، ولا يزال متمكناً منها عالماً بكيفية فعلها، أو فعل ما يستحق تعالى منها لأجله كخلق ما يستحق عليه الشكر وإيجاده تعالى الحامد له تعالى من خلقه، ليس أنه تعالى لم يزل فاعلا للأفعال التي اتصف بهذه الأفعال لأجلها؛ لأن كونها مفعولة يوجب أنها كانت معدومة، وكونها لم يزل متصفاً بها على جهة وجودها يوجب كونها قديمة، وأصل الكلام للهادي # وله فيه بحث بسيط، حاصله: أن هذه الصفات لا يصح وصف الباري تعالى بها في الأزل مجردة من الألف واللام،