مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة: فيما يحتاج إليه الناظر في كتاب الله

صفحة 73 - الجزء 1

  قال: فإذا اجتمع لك كل ذلك فانظر، وإن لم يجتمع لك ذلك ونظرت كنت كالناقة العشواء الخابطة لا تهتدي، وكمن يتورط في الظلماء لا يعلم أين يضع قدمه، وليس طالب الدين من كان خابطاً أو خالطاً، والإمساك عن ذلك أمثل وأفضل.

  قلت: وبعض هذه الأمور قد تقدم الكلام عليها. فإن قلت: أليس ظاهر كلامه # الأمر بترك النظر، والاكتفاء بما مضى عليه سلفه الصالح، وهو خلاف ما علم من وجوب النظر، وتحريم التقليد؟

  قلت: ليس النظر مقصوداً لذاته، وإنما المقصود به التوصل إلى معرفة الحق على وجهه، فإذا كان من نقطع بصحة نظره كالنبي ÷، وأمير المؤمنين #، وفاطمة الزهراء، ومن كان من سلف الحسن # مقارباً لهم في حسن النظر قد نظروا، وعُلِمَ ما أداهم إليه نظرهم علماً لا شك فيه، إما بالسماع منهم، أو بنقل من لا يشك في صدقه عنهم كأمير المؤمنين # فقد حصل المطلوب، وهو معرفة الحق؛ إذ لا يحصل للناظر أكثر مما حصلوه من الحق الذي تجب معرفته، ومن جاوز به نظره إلى تكلف معرفة ما أمسكوا عنه فقد جاوز حد عقله، وخرج من رسوخه في العلم إلى ظلمات جهله.

  فإن قلت: كيف يأبى قبول ما عليه سلفه المذكورون حتى قال له علي #: فإن أبت نفسك أن تقبل ذلك؟

  قلت: إن كان أبى ذلك فلم يكن لشكه في كونه حقاً، وإنما لم يكتف بنظرهم لما يفوته من فضيلة النظر، والجد في طلب العلم؛