مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة: فيما يحتاج إليه الناظر في كتاب الله

صفحة 75 - الجزء 1

  فإن قلت: فهل يدل على جواز تقليد المحق؟

  قلت: إذا قطعنا بأنه محق لقيام المعجز كالنبي، أو إخبار نبي بعصمته وأن الحق معه كأمير المؤمنين، ونقل عنه الحق على وجه يحصل به اليقين، فلا شك في جواز اتباعه؛ لما مر من أن النظر ليس مقصودا لذاته، ولا يكون اتباعه والحال هذه تقليداً؛ لأنه لدليل.

  فإن قلت: إن ابن أبي الحديد جعل السلف المذكورين غير النبي ÷ وغير أمير المؤمنين، فما وجه عدولك عن قوله؟

  قلت: وجهه ما قدمنا من قوله: واعلم أن الراسخين في العلم ... إلى آخره، ومن ذا يداني أو يقارب النبي ÷ في الرسوخ في العلم، أو يساوي وصيه #؛ وفي الكلامين كليهما الأمر بالإمساك عما لم يكلف به الإنسان وسماه رسوخاً، ولأن في هذه الوصية بعد الكلام الذي نحن بصدده ما لفظه: (واعلم يا بني أن أحداً لم يُنبئ عن الله سبحانه كما أنبأ عنه نبينا ÷ فارض به رائداً، وإلى النجاة قائداً) ثم قال: (وإنك لن تبلغ في النظر لنفسك وإن اجتهدت مبلغ نظري لك ...)⁣(⁣١) ثم فصل له ما كان عليه من نفي الشريك الله تعالى ووصفه بما يستحقه.

  واعلم أن أمير المؤمنين # لم يرد باتباع سلفه إلا في صفات الله، ونفي الشريك ونحو ذلك مما يجوز فيه الخطأ مع النظر القاصر؛ بدليل قوله #: (فما ذلك القرآن عليه من صفته فائتم به) حتى قال: (وما كلفك الشيطان علمه مما ليس عليك في الكتاب فرضه ولا في سنة


(١) نهج البلاغة (٣٩٦). ٥٣٢. أعلمي.