مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 764 - الجزء 2

  قلت: هذا الوجه مبني على أنه لا دليل عليه، وللخصم أن يقول: أما من السمع فمسلم أنه لا دليل عليه، ونحن نسلم أنا لا ندركه بالمشاهدة للطافته، لكنا لا نسلم أن العقل لا يدركه، بل هو يدركه كما ذكره ابن لقمان.

  الوجه الثالث: أن أقوالهم متناقضة فإنهم يقولون: الجوهر أقل الجسم وليس بجسم وقالوا: إنه يحله العرض وليس بجسم، ونحن لا نعلم الجسم جسماً إلا بجواز حلول العرض فيه، ويجوز أن يقال: كل شيء يحله العرض فهو جسم، ولأنه يستحيل ثبوت طويل لا عرض ولا عمق له وإن قل، ومن المناقضة قولهم: إنه يشغل الحيز وليس بجسم؛ لأن كل شيء يشغل جهة فقد أحاطت بجوانبه الجهة، وما كان له جوانب فهو جسم.

  قلت: لهم أن يقولوا: لا مناقضة في كلامنا، أما قولكم إنا قلنا: الجوهر أقل الجسم، فغلط علينا وإنما أقل الجسم عندنا ثمانية جواهر أو ستة، أو أربعة على حسب الخلاف السابق.

  وأما قولكم: إنا ناقضنا بقولنا إنه يحله العرض وليس بجسم فلا مناقضة إلا لو ثبت أن كل ما حله العرض فهو جسم، ولم يثبت ذلك، وإنما الثابت أن كل ما حله العرض فهو متحيز، فإن قبل القسمة فهو جسم، وإلا فهو جوهر، وإنما ألزمتمونا بمذهبكم، وما استندتم إليه من أنا لا نعلم الجسم جسماً إلا بحلول العرض فغلط، فإن الذي يتوقف على حلول العرض حدوث الجسم لا كونه جسماً،