مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 784 - الجزء 2

  بمحل دون محل فيلزم أن لا يشاهد جسم قاراً في جهة أصلاً، والثاني أيضا باطل وإلا لكان منتقلاً لمعنى.

  قال (القرشي): ولا يجوز أن يكون بالمعنى؛ لأن المعنى لا يختص المعنى، ولأن الكلام في ذلك المعنى كالكلام في هذا، ولأنه ليس بأن يوجب حلوله في محل أولى من غيره، وأراد بقوله: إن الكلام في ذلك المعنى ... إلخ أنه يكون الكلام في انتقال ذلك المعنى كالكلام في انتقال هذا، فيلزم التسلسل أو التحكم، وإذا بطل أن يكون باقيا وأن يكون منتقلاً تعين أن يكون معدوماً عند حصول ضده، وفي ذلك ثبوت حدوثه.

  فإن قيل: إنما يكون جواز العدم عليه دليلاً على حدوثه⁣(⁣١) إذا ثبت بالدليل أن القديم لا يعدم.

  قيل: لنا على ذلك أدلة:

  أحدها: أن القديم قديم لذاته، والموصوف بالصفة الذاتية لا يجوز خروجه عنها بحال؛ والذي يدل على أنه قديم لذاته أنه لا يجوز أن يكون قديماً بالفاعل؛ لأن من حق الفاعل أن يتقدم على فعله، وما تقدمه غيره لا يكون قديماً، ولا يجوز أن يكون قديماً لمعنى؛ لأن ذلك المعنى إما معدوماً فلا تأثير للمعدوم، وإما موجوداً فلا يخلو إما أن يكون قديماً أو محدثاً، الأول باطل لأنه ليس كونه قديماً لهذا المعنى بأولى من العكس، وهذا يؤدي إلى أن لا تتميز العلة عن المعلول،


(١) أي المشار إليه بقوله: وإنما قلنا إن ذلك يعدم. تمت مؤلف.