مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 786 - الجزء 2

  قيل: لأن بصفته الذاتية يكون ذاتاً، ويدخل في صحة كونه معلوماً، وخروجه عن كونه ذاتاً محال؛ ولأن الصفة الذاتية ثابتة لا لأمر، وما ثبت لا لأمر لا يصح اختصاص حصوله بوقت دون وقت إذ التخصيص من غير المخصص محال، فيجب ثبوتها واستمرارها في جميع الأوقات، وقد قيل إن هذا أقوى ما يستدل به هنا، وما لم يرجع إليه من الأدلة فهو منظور فيه، وللقدح فيه مجال.

  واعلم أنه قد استدل على حدوث الأعراض بأدلة غير ما تقدم مذكورة في شرح الأصول وغيره منها: أن الأعراض مشتملة على المختلف والمتماثل والمتضاد، ولو كانت قديمة لتماثلت كلها لما مر أن القدم صفة ذاتية، والاشتراك في الصفة الذاتية يوجب التماثل، والمعلوم أنها غير متماثلة، فتعين أنها محدثة إذ لا يجوز في المتماثل أن يكون بعضه محدثاً وبعضه قديماً؛ لأن الطريق في الجميع واحدة فلو جاز في بعضها جاز في كلها.

  فإن قيل: ومن أين لكم أن الاشتراك في صفة ذاتية يوجب الاشتراك في سائر الصفات؟ قيل: لأنه لو لم يجب لما امتنع أن يشترك ذاتان في صفة ذاتية ويفترقان في أخرى ذاتية، فتكونان من حيث الاشتراك متماثلتين ومن حيث الافتراق مختلفتين، وذلك يوجب لو قدر طرو ضد عليهما أن تكونا منفيتين من وجه وغير منفيتين من وجه آخر، وذلك محال.

  ومنها: أن الصفات الصادرة عن المعاني متجددة، فيجب في المؤثر فيها والموجب لها أن يكون متجدداً وهو معنى الحدوث، وهذا يخص الأعراض الموجبة المحالها حالاً أو حكماً.