قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  ومنها: أنها محتاجة في وجودها إلى محال محدثة، وما احتاج في وجوده إلى المحدث(١) بحيث لا يوجد من دونه وجب أن يكون محدثا؛ وهذا مبني على أن العلم بحدوث الأجسام لا يحتاج إلى العلم بحدوث الأعراض إلى غير ذلك من الأدلة، وفيما ذكرناه كفاية.
  وإذا تقرر لك بما تقدم كون الأعراض كلها غير قديمة وجب أن تكون محدثة لأنه لا واسطة، وبيان ذلك أنا نقول: هذه الأعراض إما أن يكون لوجودها أول أو لا، إن لم يكن لوجودها أول فهي قديمة، وإن كان له أول فهي محدثة، وهذه قسمة صحيحة دائرة بين نفي وإثبات فلا يجوز دخول متوسط بينها، كما تقول: هذا العدد إما أن يكون أقل من هذا العدد، أو أكثر، أو مساويا. فإن قيل: فما تقول فيما ذهبت إليه المطرفية من أن الأكوان وغيرها لا توصف بأنها محدثة وإن وجدت بعد أن لم تكن.
  قالوا: لأنها لا فاعل لها، وإنما حدثت بالفطرة التي فطرت الأجسام عليها، قالوا: ولكنها تسمى حادثة وحدوثاً.
  قيل: قد عرفناك فيما تقدم أنها غير قديمة، فلم يبق إلا أنها محدثة؛ إذ لا واسطة كما مر، وكل قول يؤدي إلى إثبات ما لا يعقل ثبوته وجب القطع ببطلانه(٢)، مع أنهم قد أبطلوا قولهم، وناقضوه بتسليمهم حصولها بعد أن لم تكن إذ لا معنى للحدوث إلا ذلك، وكذلك وصفهم لها بأنها حادثة غير محدثة إذ معناهما واحد.
(١) أي إلى محل محدث. تمت مؤلف.
(٢) ومنه قولهم: إنها لا قديمة ولا محدثة إذ لا تعقل الواسطة. تمت مؤلف.