قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  إلا دلالة بلا فرق بين الحاضرة والغائبة وهم بعض المتأخرين حكاه عنهم الإمام المهدي #، وقد حكى في (المعراج) وأصله(١) والإمام المهدي # وغيره للفريقين أدلة، منها: أنه لو حصل في جهة مع الوجوب(٢) لاستحال خروجه عنها، ومعلوم أن ما من متحرك إلا ويجوز عليه السكون، ولا مجتمع إلا ويجوز عليه الافتراق والعكس.
  فإن قيل: ولم قلتم إنه لو حصل في جهة مع الوجوب لاستحال خروجه عنها؟
  قيل: لأن حصوله حينئذ(٣) إما أن يكون صفة ذاتية أو مقتضاة؛ إذ الصفة الواجبة لا تنفك عن ذلك، والمقتضاة هاهنا لا تتصور إلا أن تكون مقتضاة عن الذاتية، ومع كونها كذلك يلزم استحالة خروج الجسم عنها حال بقائه؛ لأن الذاتية والمقتضاة لا يخرج عنهما المتصف بهما حال بقائه، ويلزم أيضاً مشاركة جميع الأجسام في ذلك؛ لأن حصوله فيها يكون لأمر يرجع إلى ذاته وذاتية الأجسام واحدة، فصح أن حصوله في الجهة مع الجواز وإلا لاستحال خروجه عنها.
  ولقائل أن يقول: إذا كان جواز احتراك الساكن واجتماع المفترق والعكس معلوماً ضرورة، فجواز الكائنية ضروري لا يحتاج إلى دليل؛ إذ الدليل إما للاستظهار فليس بأظهر من الضرورة، وإما لإثبات المطلوب بناء على أنه ليس بضروري، فإنكار كونه ضرورياً جهل أو تجاهل، وهكذا يقال في سائر الأدلة الآتية.
(١) المنهاج. تمت مؤلف.
(٢) يعني به كون حصوله في تلك الجهة واجباً. تمت مؤلف.
(٣) أي حين يكون واجبا. تمت مؤلف.