قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  لحدوثه على ذلك الوجه، ويلزم ما مر من كونه لا يحصل مجتمعاً حالة البقاء.
  وأما السادس فلأن العدم يحيل كونه مجتمعاً، وما أحال حكماً فكيف يؤثر فيه؟ ولأنه لا يحصل مجتمعاً إلا بعد الوجود، فكيف يجعل عدمه(١) مؤثراً فيه؟ ولأن عدمه ليس بأن يؤثر في كونه مجتمعاً بأولى من تأثيره في ضده، بل ليس بأن يوجب الكائنية بأولى من غيرها من الصفات، لأنها معها على سواء.
  وأما السابع: وهو أنه لا يجوز أن يكون مجتمعاً لعدم معنى، فقد خالف فيه بعض الفلاسفة، فذهبوا إلى أن المؤثر في الكائنية عدم معني، حكاه عنهم النجري، قال: حيث قالوا: العالم ساكن لعدم الحركة، والوجه في بطلان ما ذهبوا إليه أن عدم المعنى لا اختصاص له بجسم دون آخر، بل هو مع الأجسام كلها على سواء فلا يوجب لبعض دون بعض، فيلزم من ذلك أن تكون مجتمعة والمعلوم خلافه، ويلزم أن يكون الجسم مجتمعاً لعدم الافتراق، ومفترقاً لعدم الاجتماع دفعة واحدة؛ لأن عدمهما حاصل وقد فرضناه مؤثراً.
  فإن قيل: نحن لا نقول بعدم المعنيين معاً، بل نقول بوجود أحدهما.
  قيل: فقد اعترفتم بإثبات المعاني، وكفيتمونا مؤنة المناظرة في إثباتها، ثم إنا نبين صحة عدم المعنيين عن الجسم فنقول: لو جمع زيد بين جسمين فقد عدم عنه الافتراق، وإذا فرق عمرو بينهما
(١) أي عدم الجسم، تمت مؤلف.