مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 825 - الجزء 2

  فإن قيل: له أن يقول إن جعلتم القدرة متعلقة بالذات فهو باطل؛ إذ هي عندكم غير مقدورة، أو بمجرد الصفة فباطل أيضاً للزوم ما ألزمتم من تعلق شيء بلا شيء، أو بالذات على الصفة فباطل كذلك؛ لأن الصفة لم تثبت لها بعد.

  قلنا: بل يتعلق بالذات، وقولكم إنها غير مقدورة لا نسلم إذ المقدور المعدوم الذي يصح إيجاده وهذا حال هذه الذات.

  واعلم أن القوم لما أبطلوا الأقسام التي يشتبه الحال في كونها مؤثرة في تجدد الكائنية إلا وجود معنى تعين أنه المؤثر وهو مطلوبهم، وقد اعترضه بعضهم فقال: إبطالهم لكل واحد من الأقسام إلا وجود معنى لا يكفي في تعيينه ما لم يؤت على ذلك بدليل، إذ أكثر ما يحصل من الاستدلال المذكور بطلان سائر الأقسام.

  وأجيب بأن ذلك كاف؛ لأنا إذا قد علمنا وثبت لنا أن الحكم معلل، وذكرنا ما يمكن تعليل الحكم به، وأبطلنا تلك الأقسام إلا واحداً، فإنه يجب تعليل الحكم به مع عدم الدليل على بطلانه وإلا اقتضى انقلاب ما علم ضرورة بأدنى تأمل من أنه لا بد من أمر لأجله كان الجسم مجتمعاً أو نحوه جهلاً وهو محال.

  فإن قيل: أليس من الجائز أن يكون المؤثر اثنان من الأقسام التي أبطلتموها أو ثلاثة أو مجموعها.

  أجيب: بأنا قد أبطلنا تأثير كل واحد منها، وما أبطل تأثير أحدها مستقلاً أبطل أن يكون جزءاً لموثر.