مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 829 - الجزء 2

  الوجه الثاني: أن كلامهم مبني على ثبوت التأثير لغير الفاعل المختار من العلة والسبب وغيرهما، وسيأتي إبطاله في موضعه.

  الوجه الثالث: أن معتمدهم في الدلالة ما ذكروه من الملازمة بين القدرة على الصفة والقدرة على الذات، وجعلوا الأصل في ذلك الكلام على اختلافهم في تركيب القياس كما مر في الطرق الخمس وذلك كله مبني على أن الكلام ذات موصوفة لا صفة للذات، ونحن لا نسلم ذلك، بل نقول: هو صفة للمتكلم وليس بذات موصوفة، وما قالوه باطل⁣(⁣١) لأمرين:

  أحدهما: ذكره الإمام يحيى # وغيره، وهو أن هذه الصفة إما أن تكون ثابتة لمجموع الحروف أو لكل حرف من حروف الصيغة، الأول باطل لأن مجموعها لا وجود له في وقت واحد، وإنما الموجود منها حرف واحد، فإن جملة حروف الخبر لا تجتمع في وقت واحد، فيلزم أن تكون الصفة ثابتة لمعدوم وهو محال، ويلزم منه قدرتنا على صفة الذات، ونحن لا نقدر على تلك الذات، وهي ما قد عدم من حروف الخبر إذ قد خرجت بعدمها عن كونها مقدورة فينتقض الدليل بنفسه، والثاني باطل أيضاً لأنه يلزم أن يكون كل واحد من تلك الحروف خبرا، فيؤدي إلى ثبوت أخبار كثيرة وصفات كثيرة.

  قال الإمام عز الدين #: وهذا السؤال وارد ولا جواب عنه، وقد تكلف بعض المتأخرين الجواب عنه بأن تلك الصفة تثبت عند وجود آخر حرف من الخبر، وتثبت له ولما سبق من الحروف


(١) يعني في إثبات صفة للكلام بكونه خبراً أو أنشاء وما ادعوه من الملازمة. تمت مؤلف.