مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 832 - الجزء 2

  فلا يبقى البياض على الإطلاق، ومنها: أنه يلزم منه صحة مقدور بين قادرين لأنه يصح أن يكون على بعض صفات الوجود بقادر، وعلى البعض الآخر بقادر آخر إلى غير ذلك، وكثرة الوجوه تدفع قولهم هنا إنه لا وجه لعدم التزايد في الوجود إلا كونه بالفاعل فيلزم منه أن الكائنية لو كانت بالفاعل لما تزايدت عندهم، والوجه في أن كثرة الوجوه تدفع قولهم إنه لا يخلو إما أن يكون المانع من التزايد مجموع تلك الوجوه أو اثنين منها أو ثلاثة فهي غير موجودة في الكائنية⁣(⁣١) أو كل واحد منها يحتمل أن يكون هو العلة، فلا وجه لقولهم هنا ولا وجه له إلا كونها بالفاعل، ثم إن المانع من تزايدها على هذا الوجه ما يلزم من صحة مقدور بين قادرين، وأنت خبير بأن من الأئمة $ من يجيز ذلك، فلا يصح إلزامه بما يلتزمه، ثم لو فرضنا أن الوجه في عدم التزايد في صفة الوجود كونها بالفاعل فقط، فقد نفى التزايد في الكائنية ابن الملاحمي، وانتفى الفارق وثبت الحكم.

  وأما ما قيل: من أن أقوى ما يستدل به على أبي الحسين وأصحابه أنه يلزمهم أن تتعلق قدرة الفاعل بلا شيء، فهو مبني على ثبوت ذوات العالم في الأزل، وأن القدرة لا تتعلق بها إلا إذا كانت ثابتة، وأبو الحسين وغيره من الأئمة والمعتزلة لا يحيلون ذلك بل يقولون بأن تعلق قدرة القادر بالمعدوم لا يحتاج إلى ثبوت تلك الذات في الأزل وذلك مشهور عنهم فلم يلزمهم خصمهم إلا بمذهبه، مع أنه قد ادعى أنه أقوى ما يستدل به عليهم فما ظنك بغيره.


(١) لأن من جملة تلك الوجوه ما منعوا به تزايد الصفة الذاتية والكائنية معنوية. تمت مؤلف.