مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 834 - الجزء 2

  واستحسنه ابن حابس، وهو أن الحاصل في الجسم لا يخلو إما أن يكون جسماً أو معنى أو صفة، لا يجوز أن يكون جسماً لوجهين: أحدهما: أن الواحد منا ليس بقادر على الجسم ولا يقف على اختياره، وكون الجسم متحركا يقف على اختيارنا.

  الثاني: أن كون الجسم متحركاً يتجدد ثبوته في حال بقاء الجسم والجسم لا يتجدد ثبوته في حال بقائه. ولا يجوز أن يكون معنى؛ لأن المعنى يعلم على انفراده، وكون المتحرك⁣(⁣١) متحركاً لا يعلم على انفراده، وإنما يعلم تبعا للعلم بذي الاحتراك فلم يبق إلا أنه صفة، وهذه الوجوه كافية في إبطال المعنى وتصحيح تأثير الفاعل في الكائنية.

  فإن قيل: هذه الوجوه إنما تفيد نفي المعنى، وأما تعيين الفاعل فلا فما الدليل على ذلك؟

  قيل: يجاب بنحو ما تقدم عن القائلين بتعيين المعنى بأنه قد ثبت أنه لا بد من أمر، وقد بطلت الأقسام التي يشتبه الحال فيها إلا الفاعل إلى آخر التقرير السابق، وأيضاً فإن تأثير الفاعل متفق عليه في الجملة وغيره مختلف فيه، فإذا لم ينتهض على غيره دليل تعين.

  تنبيه: قد مر أن المعتمد في حدوث الأجسام دليل الدعاوي، وأنه مؤسس على الأكوان، وغالب ما يحرر هذا الدليل على طريقة المعاني، بل قال أبو هاشم إنه لا يصح الاستدلال على حدوث الأجسام إلا بهذه الطريقة، ومنع من غيرها حتى قال: لا يصح العلم بحدوث الأجسام إلا على تقدير إثبات الأكوان.


(١) صوابه الحركة لا تعلم على انفرادها. انتهى. تمت مؤلف.