مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 852 - الجزء 2

  فإن قيل: إن حالة الحدوث هي حالة الاستغناء عن المحدث فكيف يجعل علة في الاحتياج إليه، بيان ذلك أن الاحتياج إنما هو في حالة العدم، والحدوث هو أول أحوال الوجود فلا يصح علة إذ من حقها المقارنة.

  قيل: الحدوث علة كاشفة بمعنى أن الحدوث كشف عن الاحتياج إلى متحدث، فهو كجعل صحة الفعل علة في كونه قادراً، ولا تشترط المقارنة إلا في العلة الموجبة. وقد أجيب بجواب آخر وهو أن العلة في الحقيقة كون هذا الشيء مما إذا وجد كان محدثاً، ويكون هذا هو المراد بالحدوث، وذلك سابق على الحدوث ومقارن الحالة الاحتياج إلى المحدث وهي حالة العدم، فإن قيل: هلا كانت هذه الحاجة من الأحكام التي لا تعلل فلا يصح القياس، قيل: قد ثبت أنها محتاجة إلينا وأن وجودها على سبيل الجواز فلا بد من أمر احتاجت إلينا لأجله، وإلا جاز وجود الجائز لا لمرجح وهو باطل.

  فإن قيل: تعليل الحاجة بالحدوث لا يصح لأنها إنما احتاجت في الحدوث، وإذا كان هو العلة فقد عللتم الشيء بنفسه.

  قيل: إنما يكون كذلك لو عللنا الحدوث بالحدوث أو الحاجة بالحاجة وليس كذلك، وإنما قلنا: إن أفعالنا احتاجت إلينا لأجل حدوثها والحاجة غير الحدوث.

  فإن قيل: مجرد الحدوث لا يوجب الحاجة إلى المحدث لجواز أن يكون واجبا، وهو أنه حدث لا لأمر كوجود واجب الوجود.