قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم 6} من سورة الفاتحة
  من الفعل والترك تُضاد إيجاب أحدهما، وقيل: مطلق الإذن العام، فهو من استعمال الأخص في الأعم مجازا مرسلاً؛ لأن صيغة الأمر موضوعة للمأذون فيه المطلوب طلبا جازما فاستعملت في المأذون فيه من غير قيد بطلب.
  الرابع: التهديد أي: التخويف، وذلك إذا استعملت صيغة الأمر في مقام عدم الرضاء بالمأمور به نحو: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}[فصلت: ٤٠]، ومنه الإنذار إلا أن التهديد أعم؛ لأن الإنذار تخويف مع إبلاغ كما في قوله تعالى: {قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ٣٠}[إبراهيم] فصيغة تمتعوا مع ما بعده تخويف بأمر مع إبلاغه عن الغير، والتهديد تخويف مطلقا سواء كان مصحوبا بإبلاغ أو لا، بأن كان من عند نفسه، فيكون أعم من الإنذار التقييد الإنذار وإطلاقه(١). وقد دل ما ذكرنا على أنه يشترط في المنذر أن يكون مرسلاً من الغيره وقيل في وجه العموم إن الإنذار يجب أن يكون مقرونا بالوعيد، والتهديد لا يجب فيه ذلك، وقيل: الإنذار أعم؛ إذ لا يشترط الإرسال، واختاره ابن يعقوب لأنه يقال لمن أعلم قوما بأن جيشا يصبحهم: إنه أنذرهم، وإن لم يرسل بذلك، فعلى هذا التهديد تخويف الغير مما يكون من قبل المتكلم، والإنذار تخويف بما يكون من قبله أو من قبل غيره. وقيل: بل وجه عمومه أن التهديد عرفا أبلغ في الوعيد والغضب من الإنذاره وقيل: هما متباينان لأن الجوهري فسر التهديد بالتخويف، والإنذار بإبلاغ المخوف، ذكره في شرح الغاية.
(١) أي لأن الإنذار تخويف مقيد والتهديد تخويف مطلق والمقيد أخص. تمت مؤلف.