قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم 6} من سورة الفاتحة
  قال: ويحتمل أن يكون التكوين أعم بأن يراد به مطلق التبديل إلى حالة لم تكن ويراد بالتسخير ما تقدم، وظاهر قوله: ويوجد استعمال الأمر فيه أن التسخير قد لا يصدر فيه قول، وقد ذكره السبكي فإنه قال: فإما أن يكون المراد أنه لم يصدر قول ولكن حالهم حال من قيل لهم ذلك، أو يكون المراد أنه قيل لهم ذلك قولاً لم يقصد به طلب، بل قصد به الإخبار عن هواتهم، قال: وعلى التقديرين يكون خبرا.
  وفي الإتقان: أنه عبر به - أي بـ (كونوا) - عن نقلهم من حالة إلى حالة إذلالهم، وما ذكره السبكي من كونه خبرا هو أحد احتمالين ذكرهما الدسوقي ولفظه: واعلم أن صيغة الأمر إذا استعملت في التسخير أو في الإهانة يحتمل أن تكون إنشاء، أي إظهارا لمعناها وهو الذلة والحقارة، ويحتمل أن تكون إخبارًا بالحقارة والمذلة، فكأنه قيل على هذا هم بحيث يقال فيهم إنهم أذلاء محتقرون ممسوخون، قال: وكونها للإخبار في الإهانة أظهر منه في التسخير(١). والعلاقة على القول الأول - أعني المصدرية - السببية؛ لأن إيجاب شيء لا قدرة للمخاطب عليه بحيث يحصل بسرعة من غير توقف يتسبب عنه التسخير لذلك على قول ابن يعقوب المشابهة في مطلق الإلزام، فإن الوجوب إلزام المأمور، والتسخير إلزام الذل والهوان، وجعل السبكي العلاقة تحتم مقتضاه لتحتم مقتضى الخبر عن الماضي، وفي شرح الغاية: أن العلاقة فيه وفي التكوين إما مجرد الطلب، وإما مشابهتهما للواجب في التحتم.
(١) أي: جعله مسخراً منقاداً لما أمر به. تمت مؤلف.