مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم 6} من سورة الفاتحة

صفحة 948 - الجزء 2

  قد يطلق على الظن كما في: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ}⁣[المنحة: ١٠] ويؤيده أن من عرفه بالعلم حذا حذو غيره في الاحتجاج على بعض مسائله بالأدلة الظنية، ثم إنا لو سلمنا أن المراد بالعلم معناه الحقيقي فالمعتبر العلم بثبوت القاعدة وهي كون الأمر يفيد الوجوب ظاهرا، وهذه القاعدة معلومة بالدليل لا ريب فيها.

  وأما كون دلالته على الوجوب قطعية فلا يشترط ولذلك نظائر منها: الشهادة فإن وجوب العمل بها قطعي مع أن دلالتها على المقصود ظنية. والحاصل أن المعتبر العلم بدليل كون الأمر ظاهرا في الدلالة على الوجوب لا العلم بالحكم وهو الدلالة فيكفي الظن في حصوله، ولا شك أن الحكم غير دليله، والكلام في أدلة الأحكام لا في نفس الأحكام.

  احتج أهل القول الثاني وهم القائلون بالندب بأن المتيقن الطلب، وأقل أحوال ما يطلب أن يكون مندوبا.

  قلنا: هذا لا ينفع مع قيام دليل الوجوب.

  قالوا: لا فرق بين قول السيد لعبده: (اسقني)، (وندبتك إلى أن تسقيني) في أنه يفهم من أحدهما عند أهل اللغة ما يفهم من الآخر، ويستعمل كل منهما مكان صاحبه.

  قلنا: بل الفرق بينهما من وجهين معلومين عند أهل اللغة:

  أحدهما: أن أحدهما خبر والآخر إنشاء، ولا شك في مفارقة الخبر للإنشاء من حيث أن الخبر يحتمل الصدق والكذب دون الإنشاء،