مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم 6} من سورة الفاتحة

صفحة 949 - الجزء 2

  ومن حيث أنه لا يستدعي الفعل بوضعه، بخلاف قولك: (افعل).

  الوجه الثاني: استحقاق الذم على مخالفة قوله: اسقني، دون قوله: ندبتك أن تسقيني، ولو كان نصا في الندب لم يكن بينهما فرق في عدم استحقاق الذم.

  قالوا: أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ÷ يقول: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم» فرده إلى مشيئتنا وهو معنى الندب.

  قلنا: بل إلى استطاعتنا، وهو لا ينافي الوجوب.

  احتج القائلون بالاشتراك اللفظي وهم أهل القول الثالث، القائل بأنها حقيقة في الوجوب والندب، وأهل القول السابع القائل بأنها حقيقة فيهما وفي الإباحة، وأهل القول التاسع، والقول العاشر والقول الحادي عشر وهم القائلون بالاشتراك بين الثلاثة والتهديد، والقائلون به بين الأربعة والإرشاد، والقائلون بأنها مشتركة بين الأحكام الخمسة بأنه ثبت الإطلاق من أهل اللغة للصيغة في الوجوب والندب، أو في الثلاثة أو الأربعة أو في الخمسة، والأصل في الإطلاق الحقيقة فيكون حقيقة مشتركة.

  والجواب: أن الإطلاق فيما عدا الواجب مجاز لا حقيقة كما بينا، ولأنه قد ثبت أنه إذا دار اللفظ بين كونه مجازا أو مشتركا فإن حمله على المجاز أولى؛ وأيضًا يلزم أن يكون حقيقة في جميع المعاني المتقدمة لوقوع الإطلاق ولا قائل به.