قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم 6} من سورة الفاتحة
  احتج القائلون بأن الصيغة موضوعة بالتواصل للوجوب والندب وهم أهل القول الخامس بأنه ثبت الرجحان بالضرورة من اللغة، وجعله لأحدهما بخصوصه تقييد من غير دليل فلا يصار إليه، فوجب جعله للقدر المشترك بينهما دفعا للاشتراك والمجاز.
  واحتج القائلون بوضعها للإباحة وهو القول السادس بأنه ثبت الجواز في المأمور به ضرورة، وزيادة الوجوب أو الندب لا دليل عليها فوجب الوقف عنده وهو معنى الإباحة.
  واحتج القائلون بالتواطئ بين الثلاثة بأنه ثبت الإذن بالضرورة من اللغة، والزيادة المفيدة لتخصيص أحدها لا دليل عليها، فوجب جعلها للقدر المشترك بينها وهو الإذن.
  والجواب من وجهين:
  أحدهما: لا نسلم أن زيادة الوجوب لا دليل عليها بل ثبتت بأدلتنا.
  الثاني: أنكم أثبتم اللغة بلوازم الماهيات، وذلك أنهم جعلوا الجواز لازما للإباحة، والرجحان لازما للوجوب والندب، والإذن لازما للثلاثة، فجعلوا باعتبار هذه اللوازم صيغة الأمر الملزوماتها مع احتمال أن يكون للمقيد بواحد منها بخصوصه، أو مشتركا، أو للقدر المشترك، وذلك باطل لأن اللغة لا تثبت إلا بالنقل وتتبع موارد الاستعمال.
  قال (الحسين بن القاسم) #: لا يقال: الجواز هو عين الإباحة فلا يكون من إثبات اللغة بلوازم الماهيات؛ لأنا نقول معنى الإباحة جواز الفعل والترك، والجواز أعم من أن يكون مع جواز الترك، ومع جواز المنع منه.