مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} من سورة الفاتحة

صفحة 1011 - الجزء 2

  الثاني: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ}⁣[الأنعام: ١٢٥] يقول: ومن يرد أن يوقع عليه اسم الضلال بعد أن استوجب بفعله القبيح: {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ١٢٥}⁣[الأنعام]، ولم يقل: أنه جعل الرجس على الذين آمنوا.

  واختار السيد محمد بن عز الدين المفتي | عكس هذا وهو: أن اللطف المطلق واجب وما عداه تفضل؛ لأنه قال: أما الألطاف فالعام منها وهو الدلالة والبيان بخلق العقول والآلات، والقدر لا بد منه لمقام عدل الله ø وهو المعبر عنه بالتمكين للمكلفين، وإلا لزم القول بالتكليف بالمحال، واستدل من السمع بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ١١٧}⁣[هود] وقوله: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}⁣[النساء: ١٦٥] وقوله: {أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ١٧٢}⁣[الأعراف].

  قال: فلا يقال: إن الإخلال بذلك حسن مع بقاء التكليف، قال: وأما الخاص توفيقا وعصمة فقد جوز الرد عليهم⁣(⁣١) في ذلك الإمام يحيى في التمهيد في (النبوءات)، والسيد محمد بن إبراهيم في (العواصم)، ونقله عمن عاصره من الأئمة، ثم حكى عن محمد بن منصور نحو ما تقدم من ذكر المن بالتوفيق، وجعله دليلاً على عدم القول بوجوبه، ولم يصرح السيد بلفظ الوجوب في العام لأن الأولى عنده تجنب إطلاق ذلك لإيهامه التكليف وتأدبا في حق الله، وإلا فقد حكى إطلاق الوجوب على الله بالثواب عن علي #


(١) أي القائلين بوجوبه. تمت مؤلف.